بينما يتنافس الباحثون عبر كافة أرجاء العالم على تطوير لقاحات كوفيد-19، فقد أصدر المركز القومي الروسي لأبحاث علم الأوبئة والأحياء الدقيقة (مركز غاماليا) إعلاناً هاماً بتاريخ 12 أغسطس مفاده بأنه قد تمكّن من تطوير أول لقاح كوفيد-19 في العالم وبأنه أطلق عليه اسم "سبوتنيك في".
إن سبوتنيك في هو أول نموذج لقاح مسجل لأفراد الجمهور العام، والذي تمت تسميته باسم القمر الصناعي السوفييتي في العام 1957. يرمز الحرف "V" في الاسم للحرف الأول من كلمة "لقاح" في العديد من اللغات.
يقول الدكتور طارق دوفان، المدير الطبي للمستشفى الأمريكي دبي، بأن هذا اللقاح الروسي يعتمد على متجهات الفيروسات الغدانية: "هذه المتجهات هي حاملات بإمكانها توصيل المادة الجينية من فيروس آخر في الخلية. تمثل المادة الجينية للفيروسات الغدانية مصدر العدوى الذي تتم إزالته، بينما يتم إدخال شيفرة تحمل جيناً لبروتين ما من فيروس آخر."
ما هي عملية تطوير اللقاح؟
إن من الضروري فهم الطرائق الأربع للتجارب السريرية البشرية المطلوبة لتطوير أي عقار أو لقاح جديد ما. يشاركنا الدكتور دوفان معلومات جوهرية حول الكيفية التي يتوصل بها الباحثون العالميون الرائدون لعلاج طبي جديد للمرضى.
المرحلة الأولى
تستغرق هذه المرحلة أشهر عديدة لإكمالها، حيث يتم استخدام عدد صغير من المتطوعين الأصحاء (20 إلى 100 متطوعاً) كمادة للبحث. يتم تصميم الدراسة لتحديد تأثيرات عقار أو جهاز ما على البشر. يتم قياس جميع كيفيات امتصاصه، استقلابه، وإفرازه، ويتم أيضاً في هذه المرحلة تقييم الآثار الجانبية التي قد تطرأ عند زيادة مستويات الجرعة.
المرحلة الثانية
يتم اختبار كفاءة العقار في هذه المرحلة. قد تستغرق هذه المرحلة من أشهر عديدة لعامين وقد تشتمل على بضعة مئات من المرضى.
المرحلة الثالثة
تتألف هذه المرحلة من الاختبارات العشوائية الموسّعة، والتي تشتمل على المئات إلى الآلاف من المرضى. فقط بعد إكمال هذه المرحلة الثالثة، يكون بمقدور شركة الأدوية طلب الاعتماد من الإدارة المعنية لتسويق العقار.
المرحلة الرابعة
بعد أن يتم اعتماد العقار، تتم في هذه المرحلة مقارنته مع العقاقير الأخرى التي هي موجودة أصلاً في السوق. يراقب الباحثون هنا كفاءته طويلة الأمد وأثره على جودة حياة المريض. إن دراسات المرحلة الرابعة هي في غاية الأهمية وقد تؤدي إلى سحب العقار من السوق أو فرض قيود على استعماله.
إذا، هل اللقاح الجديد آمن؟
لقد أدى اعتماد اللقاح الروسي الجديد قبل الشروع بالاختبارات السريرية للمرحلة الثالثة الحرجة مخاوف واسعة النطاق. لحد الآن، فقد اجتاز اللقاح بنجاح كافة المراحل ما قبل السريرية التي تقرر فائدته وسلامته، وهي تتألف من تجارب على أنواع مختلفة من الحيوانات المختبرية، بما في ذلك نوعين من أنواع الرئيسيات.
وحسب الإعلان الرسمي، فقد اكتملت المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية في 1 أغسطس، حيث اجتاز جميع المتطوعين الاختبارات بشكل جيد، كما يشير الدكتور دوفان، حيث أردف قائلاً: "لم يتم تسجيل أية ظاهرة خطرة، أو غير متوقعة، أو غير مرغوبة أثناء هذه التجارب على المتطوعين."
"لقد أظهر اللقاح استجابة قوية من حيث الأجسام المضادة وكذلك أيضاً من حيث المناعة الخلوية. لقد ذكر الإعلان أيضاً بأن لا أحد من المشاركين في الاختبار السريري الحالي قد أُصيب بفيروس كورون بعد تلقيه اللقاح. لقد تم أيضاً تأكيد الكفاءة العالية للقاح باختبارات عالية الدقة."
يتم إدراج "سبوتنيك في" في المرحلة الأولى من قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية. أكد صندوق الثروة السيادية الروسي، والذي اشترك في عملية تطوير هذا اللقاح، بأن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية قد بدأت.
إذاً، ما مصدر القلق؟
ما الذي يقوم به المنافسون الآخرون في مضمار اللقاح؟
يستمر سباق الباحثون العالميون بسرعة كبيرة بما يزيد على 20 لقاحاً في عملية تطويرها، كما يقول الدكتور دوفان، حيث أردف قائلاً: "هنالك واحد من هذه اللقاحات قد وصل مرحلة الاختبار على البشر بعد اجتياز مرحلة التجارب على الحيوانات. يتم القيام بهذه الاختبارات لاختبار فعاليتها وأثرها على البشر، وهي تساعد على اتخاذ القرار حول سلامة استخدام هذه اللقاحات بالنسبة لهم."
"لا يزال بعض العلماء الآخرين يعملون بأبحاثهم على اللقاحات، حيث يتم إجراء الاختبارات على الحيوانات، وهم يأملون اختبار نتائجهم على الشر بوقت لاحق في هذا العام." كما أضاف الدكتور.
ما الذي يحدث عندما يُعلَن عن كون لقاح جديد آمناً؟
يحذر الدكتور دوفان بأنه: "حتى إذا تمكّن العلماء من التوصل إلى لقاح بهذا العام، فلا يزال الإنتاج الكبير للقاح لإفراد الجمهور العام يمثل مهمةً جسيمة. لذا، ومن الناحية العملية، فلن يكون اللقاح جاهزاً للاستخدام حتى منتصف العام القادم." كما يقول.
"وكذلك أيضاً، فإن من الضروري النظر في أن كل شيء يحدث بسرعة كبيرة جداً وضمن حد زمني غير مسبوق، يتم بشكل حثيث اتباع طرائق جديدة لإيجاد لقاح للفيروس. لذا، فليس هنالك ضمان بأن كل شيء سوف يحدث بسلاسة وبشكل جيد."
ويقول الدكتور دوفان أيضاً: "ما هو ضروري لنا أن نتعلمه هنا هو أنه بدلاً من الاقتصار على عدّ طرائق تخليص العالم سويةً من فيروس كورونا، فلربما ينبغي على المجتمعات أن تتدرب على التعايش معه."
"سوف تعمل المدن حول العالم على إعادة فتح أبوابها تدريجياً وببطء، ولكن ينبغي عليك اتباع توصيات الخبراء. سيصبح الفحص الجسدي والتتبع المرضي جزءً من حياتنا على المدى القريب والقصير. قد تأتي تعليمات مفاجئة بالعزل الذاتي بأي وقت وفي أية دولة ما."
ويختتم الدكتور دوفان حديثه قائلاً: "تتم دراسات اللقاحات العلاجية وقد يتم تطويرها، ولكن يجب عليك الانتباه بأن تفشي هذا المرض قد يستمر لكل عام في هذا المسرح العالمي الجديد."
قصص المرضى