تعرف على هذا المحارب الصغير، وُلد في عمر 23 أسبوعًا و6 أيام فقط، وبلغ وزنه 640 جرامًا — أي ما يعادل وزن هاتفين من نوع آيفون 16 تقريبًا. الولادة في عمر 23 أسبوعًا نادرة؛ فحوالي 10 من كل 100 طفل يولدون قبل 37 أسبوعًا (أي قبل الأوان)، ومن بين هؤلاء الأطفال المولودين قبل الأوان، أقل من 1 من كل 100 يولد في عمر 23 أسبوعًا. "حاليًا، يُعتبر الطفل المولود في هذا العمر غير قابل للحياة"، كما يقول الدكتور سريرام رامايه، استشاري حديثي الولادة في المستشفى الأمريكي بدبي.
ضد كل التوقعات، لم ينجُ هذا الطفل فحسب، بل أصبح بصحة جيدة تمامًا وخرج من وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة بعد 111 يومًا.
وهنا لماذا تُعد هذه القصة معجزة في البقاء على قيد الحياة
وُلد الطفل في المستشفى الأمريكي بدبي، حيث كانت الأم تتلقى رعاية التوليد. على الرغم من وجود العديد من الخيارات، اختارت المستشفى الأمريكي لما يقدمه من رعاية تخصصية عالمية المستوى لحديثي الولادة والتوليد.
عند الولادة، تم تشخيص الطفل بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة بسبب عدم اكتمال نمو الرئتين، وهي حالة شائعة في هذا العمر الحملي. احتاجت رئتاه الصغيرتان إلى دعم عاجل؛ فتم تنبيبه فورًا (تم إدخال أنبوب دقيق في القصبة الهوائية للمساعدة على التنفس). كما كان يعاني من حالة قلبية تُدعى القناة الشريانية السالكة (PDA)، وهي عيب خلقي يؤثر على تدفق الدم إلى الرئتين. في العادة، تُغلق هذه القناة خلال الأيام الأولى من الولادة، ولكن أحيانًا تبقى مفتوحة وتتطلب جراحة.
ومع ذلك، في حالات الأطفال المبتسرين جدًا، تبقى القناة الشريانية مفتوحة، مما يؤدي إلى أمراض رئوية مزمنة تتطلب الأوكسجين المنزلي، بالإضافة إلى حالات أخرى مثل التهاب الأمعاء النخري (NEC)، والنزيف الدماغي (IVH)، وضعف النمو. وقد يحتاج هؤلاء الأطفال إلى الاعتماد على أجهزة التنفس لفترة طويلة.
كما تعرض الطفل لنزيف رئوي مهدد للحياة، نظرًا لأن أنسجة الرئة في هذا العمر غير مكتملة النمو بعد، مما يؤدي إلى نزيف رئوي نتيجة الهشاشة الهيكلية. وكانت كل هذه المضاعفات مرتبطة بشكل مباشر بالولادة المبكرة جدًا في عمر 23 أسبوعًا.
تم نقل الطفل بسرعة إلى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة وهو ملفوف في غلاف بلاستيكي للحفاظ على حرارة جسده بعد أن أظهره الأطباء لوالديه.
ومن هنا بدأت رحلة الصمود لهذا الطفل
تم علاج الطفل ببروتوكول "التهوية اللطيفة" وعلاج "السيرفاكتانت". بروتوكول التهوية اللطيفة يساعد على دعم تنفس الطفل عن طريق تطبيق ضغط لطيف وملائم لضمان تبادل الغازات بشكل كافٍ. في المقابل، قد تستخدم بروتوكولات التهوية التقليدية ضغطًا عاليًا يدفع الهواء إلى الرئتين غير الناضجتين، مما قد يسبب ضررًا ثانويًا كبيرًا للرئة بسبب هشاشة حالة المولود. تهدف التهوية اللطيفة إلى تقديم دعم تنفسي دون التسبب في أضرار إضافية للرئة أو على الأقل تقليلها.
أما علاج السيرفاكتانت، فيتضمن إيصال مادة السيرفاكتانت الرئوية إلى رئتي الطفل. السيرفاكتانت الرئوي هو بروتين دهني معقد يُنتَج طبيعيًا لتبطين الحويصلات الهوائية في الرئتين، وله دور حيوي في التنفس. في الأطفال المولودين قبل الأوان بدرجة كبيرة، يكون السيرفاكتانت غائبًا تقريبًا ويجب إعطاؤه خارجيًا لدعم وظائف الرئة.
"بينما يعاني معظم الأطفال في هذا العمر لاحقًا من أمراض رئوية مزمنة حادة ويتطلبون الأوكسجين عند الخروج، استطعنا تجنب ذلك من خلال استراتيجيات تهوية متخصصة، بما في ذلك تقنيات التهوية الدقيقة، وتجنب فرط ونقص الأوكسجين، والحفاظ على مستويات مناسبة من ثاني أكسيد الكربون في جسم الطفل"، يقول الدكتور رامايه.
المفتاح للنجاح هو معرفة متى وكيف يتم العلاج
يقول الدكتور أسامة، استشاري حديثي الولادة في المستشفى الأمريكي بدبي، "جميع الأطفال المولودين في هذا العمر يعانون من القناة الشريانية السالكة، لكن الإدارة الفعالة في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية لمنع المضاعفات. حوالي 50% من هذه الحالات لا تستجيب للعلاج الدوائي وتتطلب إغلاقًا جراحيًا، لكننا تجنبنا الجراحة في هذه الحالة. النجاح يكمن في معرفة متى يتم العلاج، وكيف، ولمدة كم."
"قمنا بإدارة القناة الشريانية باستخدام أدوية مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين، واستراتيجيات تهوية متخصصة. كما استخدمنا تقنيات حديثة مثل ضغط نهاية الزفير الإيجابي العالي (PEEP) وإدارة السوائل بدقة. كانت توقيت المعالجة واختيار الأدوية والتقنيات الدقيقة في التهوية عوامل حاسمة لضمان إغلاق القناة دون الحاجة للجراحة"، أضاف الدكتور أسامة.
التحديات في علاج الحالات المعقدة للأطفال المبتسرين
يقول الدكتور رامايه إن علاج طفل مولود في الأسبوع 23 يشكل تحديات كبيرة. "فقط 10% ينجون دون إعاقات فورية عند الخروج، وقد عملنا جاهدين لتحقيق هذا الهدف. 60 إلى 70% من المبتسرين ينجون من فترة العناية المركزة، ومن ينجو غالبًا ما يعاني من الاعتماد على الأوكسجين، ونزيف الدماغ، وضعف النمو، والحاجة إلى التدخلات الجراحية."
تميز المستشفى الأمريكي بدبي في رعاية حديثي الولادة ووحدة العناية المركزة لحديثي الولادة ساهم في توفير تهوية لطيفة وكافية للطفل لمنع تلف الرئة والاعتماد على الأوكسجين. وبإشراف الدكتور رامايه، والدكتور أسامة وفريقهما المختص، لم تتطور حالة الطفل إلى جراحة في القناة الشريانية. كما حافظ الفريق الطبي على أعلى معايير مكافحة العدوى، وهو عامل حاسم في النجاح العام. ونتيجة لهذا البروتوكول الصارم، تم القضاء على فرص الإصابة بالعدوى، والتي تكون مرتفعة لدى الأطفال غير المكتملين النمو. أظهرت فحوصات دماغ الطفل نتائج طبيعية، ولم يُصب بأي مضاعفات في الجهاز الهضمي، وتم علاج حالة عينيه (ROP) دون تدخل جراحي.
بفضل الرعاية رفيعة المستوى والإشراف المستمر على مدار الساعة، تم فصل الطفل عن جهاز التنفس الصناعي بعد 28 يومًا، وكان يتغذى بالكامل على حليب الأم من خلال أنبوب خاص في اليوم 11.
وفي الأسبوع 40 من الحمل، ووزنه 3.3 كجم، تم تسريح الطفل لعائلته وهو بصحة جيدة، قوي، ومحاط بالحب.